الأربعاء، 9 يناير 2013

محمد القيسي 

في المنفى


ترى من سيخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم
وأنّا نحن في المنفى نعيش بزاد ذكراهم
وأنّا ما سلوناهم
فصحبتنا بفجر العمر ما زالت تؤانسنا
وما زالت بهذي البيد في المنفى ترافقنا
ونحن بهذه الغربة
تعشّش في زوايانا عناكب هذه الغربة
تمدّ خيوطها السوداء في آفاقنا الغبراء أحزانا
تهدهد جفننا الأحلام تنقلنا على جنح من الذكرى
إلى عهد مضى حيث السكون يثير نجوانا
وحيث الشوق أغنية نردّدها على ربوات قريتنا
وحيث الحبّ في بلدي كلام صامت الّنبرة
كلام صادق الإحساس والنظرة
وحلم أخضر في القلب يروي سرّ نشوتنا ,
ويحضننا ويرعانا
ترى من يخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم
فكيف يغيب من في القلب محفوظ له تذكار
ومن في الغور في طيّ الحنايا شعلة من نار
تجدّد صفحة الماضي
فينهار المدى النائي
وتحذف بيننا الأبعاد
ويجمعنا بجوف الليل حلم ينثر النّوار
فنصحو والفؤاد يلملم الذكرى
يجفّف دمعة حرّى
وهل بثّوا بقلب الليل للغيّاب نجواهم
وهل عرجوا ترى يوما على عشّ الهوى المهجور
وهل ذرفوا دموع الصمت , هل أدمتهم الذكرى
وهل خففت جوانحهم وقالوا مثلنا شعرا ؟
فإنّ البعد أدمانا , أحال حياتنا تنّور
يعذّبنا خفوق القلب , تملك روحنا الرعشة
وفي أحداقنا تنمو جذور الحزن والآلام والوحشة
***
يمرّ الليل عن جفني ويسألني
متى تشفى من الشجن ؟
أحبائي سؤال الليل يؤلمني
ويحزنني
لأنّي كلّ ما أدريه أنّي بتّ منفيّا
وأنّي لم أزل حيّا
تعذّبني وتقلقني
طيوف الأمس والذكرى تعذّبني
فأجترّ الأسى والصمت والحيرة
وأقتات الفراغ الرحب أنحر فيه أيامي
وتقضم عشب أحلامي
نيوب الوحشة المرّة
وتملأ خافقي بالحزن , تفعم عالمي حسرة
فأطوي صفحة الماضي , وأغفو علّني أصحو
على ربواتنا أعدو
وأحضن في ثراها الشوق , ألمسه بتحنان
ويغرقني عبير الأرض , يسكرني بلا خمرة
وأحيا حلمي المنشود , ألمح فيه إنساني
وأدفن فيه أشجاني
ولكّني أحبائي أفيق وبيننا سدّ
غريب في بلاد النفي ينهش عمره البعد
ويسقم قلبه الوجد
يداعبه سنا أمل , بدا في أفقه واه
***
غدا يمضي بنا التّيار يجمعنا بمن نهوى
ويدري الناس والأحباب أنّا ما سلوناهم
وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم
ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم
وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم
ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم
ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم
وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم
ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم
ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق